صف شعور النبي محمد صلّ الله عليه وسلم نحو وطنه مكة المكرمة، يشعر كل منا بالانتماء الكبير لموطنه والمكان الذي ينتمي اليه, خاصة اذا تغرب عنه لفترة من الزمن, فإن محبته وحنينه له يظهر في تلك الاوقات, وهذا هو حال افضل الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما غاب عن مكمة المكرمة واخرجوه اهلها منها, وهذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال.

شعور النبي محمد صلّ الله علیه وسلم لوطنه

 

يمر هذا  السؤال كثيرا في مناهج التربية الاسلامية الثانوية الا وهو صف شعور النبي محمد صلّ الله علیه وسلم نحو وطنه مكة المكرمة, فما هي مشاعر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تجاه موطنه ومدينته التي ولد فيها وتربى وعاش فيها دهرا من الزمن وكانت كل ذكرياته فيها.

وفيها نزلت عليه الرسالة والتي استمر فيها ثلاث سنوات يدعو سراً, ولكنه عانى الكثير في تلك المدة من الكفار ومحاربتهم له.

محبة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  لوطنه ومكة المكرمة

عندما اخرج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة كانت كل مشاعر الاسى والحزن تسيطر على قلبه ويعتصره الامل والحسرة لفراقها لشدة تعلق قلبه بها فقال وهو يخرج منها عنوة لحماية الاسلام والدعوة الاسلامية:” اما والله لأخرج منك, واني لأعلم انك أحب بلاد الله ال واكره على الله, ولولا اهلك اخرجوني ما خرجت, يا بني عبد مناف ان كنتم ولاة هذا الأمر من بعدي, فلا تمنعوا طائفا ببيت الله ساعة من ليل ولا نهار, ولولا ان تطغى قريش لأخبرتها ما لها عند الله, اللهم إنك أذقت اولهم وبالاً, فأذق آخرهم نوالاً” صدق رسول الله صل الله عليه وسلم.

وفي حديث اخر انه قال صلى الله عليه وسلم:” ما أطيبَك من بلدٍ! وما أحبَّك إليَّ!، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنْتُ غيرك “.( رواه الترمذي)

فنرى في هذا الحديث الشريف شدة تعلق النبي بوطنه وحبه لها وانه كان مكرهاً على مغادرتها.

اما عن شعور النبي محمد صلّ الله عليه وسلم نحو وطنه مكة المكرمة

وعندما كتب لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم العودة لمكة المكرمة فاتحا ومنتصرا في الغزوة مع الكفار فيها في عام 8هـ, حيث اصبحت من ولايات الاسلام واستطاعوا ان يدخلوها المسلمين ويعودوا اليها دون قتال مثل ابو بكر الصديق فكانت مشاعر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقتها لا توصف ولا يمكن ان تصفها كلمة, حيث عفا عن الكفار ولم يقتلهم؛ نظراً لما كان يكنه من محبة لهذه المدينة العظيمة , فمحبتها في قلبه طغت على عداوته للكفار الذين يسكنوها.

 

من بعض الادلة من القران والسنة في حب الوطن

  • عندما اخرج سيدنا محمد صل الله عليه وسلم مجبراً من مكة, نزلت اية فيه من عند الله عز وجل مواساة له, ف قال الله تعالى -: { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }(التوبة الآية: 40) .
  • عندما اراد الرسول صلى الله عليه وسلم اخبار الصحابة بضرورة الهجرة من مكة المكرمة ولما كان لهذا الامر من وقع عصيب وقاس على قلوب الصحابة, حيث تدرج صلى الل عليه وسلم في اخبارهم في ضرورة الخروج منها, حيث روي عن ام المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ لأصحابه: ( إني أُرِيتُ دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين – وهما الحرتان – فهاجر من هاجر قِبَل المدينة ) رواه البخاري.
  • ويقول ابن كثير قال ابن كثير: ” فهاجر من هاجر قِبَل المدينة، ورجع بعض من كان هاجر قبل الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر مهاجرا قبل المدينة، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي، فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت وأمي؟، قال: نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليصحبه ) رواه البخاري ” .

 

وهكذا نرى مدى محبة الرسول صل الله عليه وسلم لمكة المكرمة وتعلقه بها, وصعوبة الشعور عند مغادرته لها, الا ان الله اكرمه بالعودة اليها فاتحا اياها صل الله عليه وسلم.